دخول خريطة الموقع عن الموقع راسلنا بيان الخصوصية Rss
بحث

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

 
خدمات الموقع
روابط هامة
news.png
دليل العمل بالمساجد
mythaq-almasjed.gif
khotba.gif 
manhag.gif
abhass.gif
abhass.gif
reaya.jpg
reaya.jpg
MosqeTemplete.gif
TorassyMosqe.gif
   
  Skip Navigation Links  
خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
خطبة - تَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَبِّكُمْ- بتاريخ 18 / 5 / 2018م

لطباعة الخطبة PDF اضغط هنا 

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 2 من رمضان 1439هـ  الموافق 18 / 5 / 2018م

تَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَبِّكُمْ

 الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اخْتَارَ لِلْخَيْرَاتِ مَوَاسِمَ وَأَوْقَاتًا، وَتَوَلَّى عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ بِالإِنْعَامِ وَالإِكْرَامِ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ رَمَضَانَ لِفَرْضِ الصِّيَامِ وَالتَّنَافُسِ فِي الخَيْرَاتِ زَمَانًا وَمِيقَاتًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، عَبَدَ رَبَّهُ رَغْبَةً وَرَهْبَةً؛ وَسَعَى إِلَيْهِ إِقْبَالًا وَإِخْبَاتًا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى الطَّاعَاتِ أَشَدَّ اسْتِقَامَةً وَثَبَاتًا.

أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ - عِبَادَ اللهِ - وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّ تَقْوَى اللهِ أَكْرَمُ مَا أَسْرَرْتُمْ، وَأَجْمَلُ مَا أَظْهَرْتُمْ، وَأَفْضَلُ مَا ادَّخَرْتُمْ )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب 70 – 71].

أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُسْلِمُونَ:

لَقَدْ أَظَلَّنَا شَهْرٌ مُبَارَكٌ كَرِيمٌ، وَمَوْسِمٌ لِلطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ عَظِيمٌ، أَعْمَالُهُ مُتَنَوِّعَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَفَضَائِلُهُ كَثِيرَةٌ مُتَجَدِّدَةٌ، فَعَوَائِدُهُ عَلَيْنَا فِي كُلِّ عَامٍ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَأُجُورُ اللهِ فِيهِ لَا يُحَاطُ بِهَا وَلَا تُسْتَقْصَى، صِيَامُهُ أَحَدُ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، وَقِيَامُهُ مَزِيدُ فَضْلٍ وَإِنْعَامٍ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ بِوُصُولِهِ، وَيُهَنِّئُهُمْ بِحُلُولِهِ، وَيَحُثُّهُمْ عَلَى صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ، وَاغْتِنَامِ سَاعَاتِهِ وَأَيَّامِهِ، وَيُوصِيهِمْ بِالْخَيْرِ فِي أَوَانِهِ، وَيُحَذِّرُهُمْ مِنْ فَوَاتِهِ وَحِرْمَانِهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ:  «قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ ].

أَلَا فَصُومُوهُ - عِبَادَ اللهِ - حَقَّ الصِّيَامِ، وَقُومُوا لَيَالِيَهُ خَيْرَ الْقِيَامِ، وَاحْفَظُوا جَوَارِحَكُمْ فِيهِ عَنِ الخَطَايَا وَالْآثَامِ، وَاعْمُرُوا بِالطَّاعَاتِ كُلَّ أَوْقَاتِهِ، وَاغْتَنِمُوا بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ سَاعَاتِهِ، وَتُوبُوا فِيهِ إِلَى اللهِ نَادِمِينَ، وَاعْمَلُوا فِيهِ مُخْلِصِينَ.

مَعْشَرَ المُؤْمِنِينَ:

إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ أَنْ يَمُدَّ فِي عُمُرِهِ وَيُبَلِّغَهُ شَهْرَ رَمَضَانَ؛ لِيَبْلُغَ مَوَاسِمَ الرَّحْمَةِ وَ يُدْرِكَ مَوَاطِنَ الغُفْرَانِ، وَهَذِهِ مِنَّةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ جَزِيلَةٌ، وَنِعْمَةٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ جَلِيلَةٌ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا، فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ، فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ، فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ، فَعَجِبُوا لِذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: «مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ؟» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ‍ هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ، وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً؟» قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَ، وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ؟» قَالُوا: بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ]، فَهَنِيئًا لِكُلِّ مُسْلِمٍ بَلَّغَهُ اللهُ شَهْرَ الصِّيَامِ، وَوَفَّقَهُ فِيهِ لِمَا يَرْفَعُ دَرَجَاتِهِ وَيَحُطُّ عَنْهُ الأَوْزَارَ وَالآثَامَ؛ فَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا رَقِيَ عَتَبَةً قَالَ: آمِينَ. ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً أُخْرَى فَقَالَ: آمِينَ. ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً ثَالِثَةً فَقَالَ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ. قُلْتُ: آمِينَ. قَالَ: وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ. قُلْتُ: آمِينَ. فَقَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ. قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ» [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ].

فَتَعَرَّضُوا - عِبَادَ اللهِ - لِنَفَحَاتِ رَبِّـكُمْ فِي هَذَا الشَّهْرِ الفَضِيلِ؛ بِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ مَرْضِيٍّ جَلِيلٍ.

 أَلَا وَإِنَّ مِنْ نَفَحَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذَا المَوْسِمِ المُفَضَّلِ: أَنَّ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ؛ يَبْتَغِي الأَجْرَ وَالثَّوَابَ؛ مُصَدِّقًا بِوَعْدِ مَوْلَاهُ يَوْمَ الحِسَابِ؛ غَيْرَ مُسْتَثْقِلٍ لِصِيَامِهِ، وَلَا مُسْتَطِيلٍ لِأَيَّامِهِ: غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا أَسْلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَآثَامِهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وَ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [رَوَاهُمَا البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا أَسْلَفَ مِنَ الذُّنُوبِ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي فَضْلُ العِبَادَةِ فِيهَا يَزِيدُ عَلَى عِبَادَةِ أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ القَدْرِ، قَالَ تَعَالَى: )إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ( [القدر:1-3]، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا: غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].

وَقَدْ تَكَاثَرَتْ فِي رَمَضَانَ وُجُوهُ الخَيْرِ وَالإِحْسَانِ، وَتَوَاصَلَتْ فِيهِ أَسْبَابُ العَفْوِ وَالغُفْرَانِ؛ مَا حَافَظَ الصَّائِمُ عَلَى النَّوَافِلِ وَالوَاجِبَاتِ، وَتَجَافَى بِنَفْسِهِ عَنِ الكَبَائِرِ وَالمُنْكَرَاتِ، فَمَنْ تَمَّ لَهُ ذَلِكَ: فَازَ بِالرِّضَا وَنَجَا مِنَ الْمَهَالِكِ ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ ].

وَحَسْبُ الصَّوْمِ فَضْلًا وَمَنْقَبَةً، وَدَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَمَرْتَبَةً: أَنَّهُ يَكُونُ شَفِيعًا لِصَاحِبِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيُبَوِّئُهُ مَنَازِلَ رَفِيعَةً فِي دَارِ الكَرَامَةِ ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: «فَيُشَفَّعَانِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ].

وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، وَهَدَانَا جَمِيعًا لِإِحْسَانِ الْعِبَادَةِ سُنَّةً وَفَرْضًا.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ، وَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، مَا خَابَ مَنِ اتَّخَذَهُ إِلَهَهُ وَمَوْلَاهُ وَلَاذَ فِي حِمَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَسَيِّدُ خَلْقِهِ وَمُجْتَـبَاهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ نَلْقَاهُ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ كَمَا أَمَرَكُمْ؛ يَزِدْكُمْ مِنْ فَضْلِهِ كَمَا وَعَدَكُمْ.

عِبَادَ اللهِ:

وَمِنْ نَفَحَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا الشَّهْرِ المُبَارَكِ: ثَوَابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ؛ مَعَ تَدَبُّرٍ وَتَفَكُّرٍ وَإِمْعَانٍ، فَفِي قِرَاءَتِهِ العِلْمُ وَالهُدَى وَالنُّورُ، وَالخَيْرُ وَالبَرَكَةُ وعِظَمُ الأُجُورِ؛ وَالشَّفَاعَةُ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ الدِّينِ؛ يَوْمَ تُنْصَبُ المَوَازِينُ وَتُنْشَرُ الدَّوَاوِينُ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَبْشِرُوا وَبَشِّرُوا، أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «فَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ طَرَفُهُ بِيَدِ اللَّهِ وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ، فَتَمَسَّكُوا بِهِ؛ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا وَلَنْ تَهْلِكُوا بَعْدَهُ أَبَدًا» [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ].

وَمِنْ نَفَحَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: أَنَّ العُمْرَةَ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].

وَإِذَا كَانَ رَمَضَانُ - أَيُّهَا المُسْلِمُونَ - شَهْرَ الرَّحْمَةِ وَالغُفْرَانِ وَالْعِتْقِ مِنَ النِّيرَانِ وَمَأْدُبَةِ القُرْآنِ، فَهُوَ كَذَلِكَ شَهْرُ البِرِّ وَالإِحْسَانِ، وَإِنَّ نُفُوسَ الصَّائِمِينَ لَتُقْبِلُ عَلَى طَاعَةِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَعَلَى وُجُوهِ البِرِّ فِيهِ وَالْخَيْرِ وَالصَّدَقَاتِ مَا لَا تُقْبِلُ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ الأَوْقَاتِ؛ فَغَنَائِمُهُ كَثِيرَةٌ، وَنَفَحَاتُهُ كَبِيرَةٌ، فَمَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا نَالَ مِثْلَ أَجْرِهِ؛ فَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ ].

وَوُجُوهُ الإِحْسَانِ فِي هَذَا الشَّهْرِ مُتَنَوِّعَةٌ، وَأَبْوَابُهُ مُفَتَّحَةٌ مُتَشَعِّبَةٌ، فَمِنْهَا: الإِحْسَانُ إِلَى الوَالِدَيْنِ، وَالبَذْلُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَصِلَةُ الأَقَارِبِ وَالأَرْحَامِ، وَالعَطْفُ عَلَى الأَرَامِلِ وَالأَيْتَامِ، وَالْوَصْلُ بِالخَيْرِ لِلْجِيرَانِ، وَإِبْلَاغُ المَعْرُوفِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ.

 فَيَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نُحْسِنَ الْقَوْلَ وَالْقَصْدَ وَالْعَمَلَ؛ فَمَا جَزَاءُ المُحْسِنِينَ عِنْدَ اللهِ إِلَّا الإِحْسَانُ )وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( [المزمل:20].

  فَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَبِّكُمْ، وَتَجَنَّبُوا مَا يُسْخِطُ مَوْلَاكُمْ؛ تَنَالُوا الأَجْرَ وَالثَّوَابَ، وَتَفُوزُوا بِرِضَاهُ يَوْمَ الحِسَابِ. اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَغَضِّ البَصَرِ وَسَائِرِ الآثَامِ، وَاجْعَلْنَا فِي هَذَا الشَّهْرِ المُبَارَكِ مِنَ المُحْسِنِينَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الأَرْبَعَةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَالأَئِمَّةِ الحُنَفَاءِ المَهْدِيِّينَ، أُولِي الفَضْلِ الجَلِيِّ، وَالْقَدْرِ الْعَلِيِّ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ؛ المُوَحِّدِينَ وَالمُوَحِّدَاتِ؛ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ احْفَظْ أَمِيرَ البِلَادِ وَوَلِـيَّ عَهْدِهِ، وَوَفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وَأَصْلِحْ لَهُمَا البِطَانَةَ وَالرَّعِيَّةَ، وَاهْدِهِمَا لِلْحَقِّ وَالصَّوَابِ، وَاجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ، وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة


تاريخ الإضافة: 15/05/2018
المصدر: مكتب الشؤن الفنية
عدد القراء:
2999 الأرشيف طباعة Rss
القائمة الرئيسية